يصور مسلسلاً اجتماعياً مع حاتم علي ويستعد لمسلسلين شاميين
باسل خياط: ما طرحه «الخبز الحرام» يمثل «المسكوت عنه» في المجتمعات العربية
يمكن وصف النجم السوري الشاب باسل خياط بأنه نجم كل المواسم، فقد اعتُبر واحداً من أبرز نجوم الدراما السورية في موسم 2010، وقد حقق حلمه الفني بربط الغناء بالتمثيل، وذلك عندما لعب شخصية مؤسس المسرح العربي والملحن الكبير (أبوخليل القباني) في المسلسل الذي حمل اسمه.وقد فوجئ المشاهدون بالنجم السوري وهو يغني أغنيتي القباني الشهيرتين (يا طيرة طيري يا حمامة) و(صيد العصاري يا سمك يا بني)، وقد أجاد باسل في الغناء حتى أطرب، في حين جسّد شخصية رائد المسرح العربي باقتدار لافت، دون أن يهمل أي ملمح أو تفصيل فيها.
إذا كان غالبية المشاهدين قد فوجئوا بصوت باسل وموهبته الغنائية، فإن من يعرفونه عن قرب، لم يفاجئهم ذلك، فهو يملك موهبة غنائية واضحة، وله صوت جميل ومميز، وقد سبق له أن غنّى أغنيات عديدة، كما غنى في مسلسل (وشاء الهوى). وإذا لم يكن يرغب في احتراف الغناء، والتخلي عن التمثيل، فقد وجد معادلته بربط الغناء بالتمثيل، لاسيما أنه أصبح نجماً لامعاً في الدراما السورية كممثل، فلماذا لا يجمع الغناء إلى التمثيل ليعبّر عن موهبته المكبوتة، والتي تستحق أن تجد فرصتها للظهور والتألق.
ويبدو باسل خياط سعيداً جداً بتجربته في مسلسل (أبو خليل القباني) للمخرجة إيناس حقي، وبتجسيده الرائع لهذه الشخصية، لاسيما أنه كان يحلم بها دائماً، وقد استعد لها من خلال الإقامة في بيت عتيق في دمشق القديمة، حيث قرأ معظم ما كُتب عن (أبي خليل) وعايش شخصيته، وعمّق إحساسه بالبيئة الشامية التي عاش فيها، وهو ما حمله لاحقاً على شراء بيت دمشقي صغير داخل أسوار دمشق القديمة. ويعتبر باسل هذه الشخصية الفنية الكبيرة استثنائية، وقد حقق من خلال تجسيدها أحد أحلامه الفنية الكبيرة، ولهذا فقد بذل جهداً مضاعفاً، ولعب الشخصية بإخلاص شديد، وهو راض عما حققه من خلالها. ولعل سوء الحظ جعل مسلسل (أبو خليل القباني) يعرض على قنوات (أوربت) المشفرة، وعلى قناة سوريا الأرضية فقط، لذا لم يتح لكثير من المشاهدين متابعة هذا العمل الجميل، وأداء باسل خياط الممتع فيه. ومع ذلك فإن حضوره في الموسم الدرامي الرمضاني كان قوياً وبارزاً من خلال ثلاثة أعمال مميزة أخرى هي (وراء الشمس) و(الخبز الحرام) و(القعقاع)، وجميعها أثارت نقاشاً وحازت اهتماماً كبيراً وأكدت مكانة باسل خياط كنجم أول في الدراما السورية.
عبادة والدور الصعب
لعب باسل دور (عبادة) المهندس الشاب الذي يعيش حياة مستقرة مع زوجته (صبا مبارك)، ثم يطير فرحاً عندما يعلم أنها حامل، لكن سرعان ما يُصدم لأن الطفل الذي ينتظره مصاب بمرض التوحد، فيبدأ بالضغط على زوجته لإسقاط الجنين.
وأمام رفضها وتمسكها به، تبدأ الصراعات بين باسل (عبادة) وزوجته منى التي تلعب شخصيتها الفنانة صبا مبارك، ويشتد هذا الصراع مع كل محاولة يبذلها عبادة لإسقاط الجنين. لقد تواطأ مع أخ زوجته على تنفيذ محاولة لإجهاضها لكنها فشلت، ثم حاول هو من خلال تقديم كأس شراب لها يتضمن مادة يمكن أن تتسبب بإجهاضها. وفي هذه اللحظة بالذات يوشك عبادة أن ينهار من شدة التوتر والمعاناة، فيبكي بحرقة ويصرخ (اطلاع من حياتي)، وهي الصرخة التي دوّت أمام أعين المشاهدين، وفي آذانهم، لتعكس المأزق الكبير الذي يعيشه هذا الزوج الشاب، وكانت تلك لحظة إبداع استثنائية في أداء باسل خياط لهذا الدور الصعب والمركب.
لقد كان السؤال المطروح: هل يحق لأحد إسقاط جنين مشوه، أم لا؟ وقد ظل هذا السؤال مفتوحاً دون إجابة قاطعة، في حين أن عبادة، ومع ازدياد توتره ومعاناته انتهى به الأمر إلى الجنون، وقد تفوق باسل خياط في أداء هذه الشخصية بكل معاناتها، وقابلته في الأداء صبا مبارك التي تتمسك بجنينها.
دور جريء ولكن!
كما خاض باسل خياط في موسم العرض الرمضاني في دور جريء جداً، ربما يتردد كثيرون في قبوله، وهو دور (القواد) في مسلسل (الخبز الحرام) الذي تجاوز الخطوط الحمراء في رأي كثيرين، أو لامسها على الأقل في رأي فريق آخر، لكن لباسل موقفاً واضحاً من مسألة الخطوط الحمراء في المجتمع، فهو من أنصار الرأي القائل إنه كلما اقتربت الدراما من الممنوع أصبحت ناجحة ومرغوبة أكثر، ويحدد باسل الممنوع بأنه الذي يخدش الحياء أو يمس بالمعتقد الديني، وكذلك أي طرح يسيء للمجتمع وتقاليده الحميدة ووحدته. وبالنسبة لمسلسل (الخبز الحرام) الذي يطرح ظاهرة وقوع الفتيات في الانحراف والدعارة، ورداً على الذين قالوا إن هذه الظاهرة ليست موجودة في المجتمع السوري كما أبرزها العمل، يشدد باسل على أن ما قدمه المسلسل أحداث موجودة في الواقع والمجتمعات العربية، ولا يمكن السكوت عنها، وإن نشوء ظاهرة الانحراف تعود إلى الضغوط التي تتعرض لها فتيات الفئات الفقيرة في المجتمعات العربية، وكنتيجة للجهل وللحاجة الملحة تجد بعض الفتيات أنفسهن وقد تورطن بأيدي عصابات تتلقفهن، وتدفع بهن إلى طريق الرذيلة، والأمر لا يقتصر على الفتيات فهناك أيضاً رجال وشباب يشاركون في هذه الجرائم.
ومن الناحية الفنية فقد نجح باسل في أداء هذا الدور الجريء، وأجاد دور (الجلاد) في شخصية زهير، لكن الحب استطاع أن ينقذه في نهاية العمل، ويجعل منه إنساناً مفعماً بالمشاعر النبيلة.
فنان لا يكرر نفسه
الشخصية الرابعة التي قدمها باسل في الموسم الدرامي الرمضاني هي شخصية (يزدجرد) ملك الفرس التاريخي، والذي هُزم على يد أحد فقراء العرب في معركة القادسية. ويلاحظ أن هذا الفنان لا يكرر نفسه، فهناك فروق كبيرة بين الشخصيات التي جسدها، ما بين شخصية (أبو خليل القباني) إلى (المهندس عبادة) إلى (زهير القواد) إلى (الملك الفارسي)، فكل شخصية لا تشبه الأخرى إطلاقاً، بل تعتبر من نوع آخر مختلف تماماً، وهذا ما يسجل للنجم الشاب الذي يحرص كل الحرص على ألا يكرر نفسه، وأن يحقق إضافة نوعية إلى سجله الفني في كل دور يقوم به.
شخصيات في الطريق
رغم أن باسل خياط ابن أصيل للبيئة الشامية، فإنه لم يقدم حتى الآن إلا عملاً شامياً واحداً قام ببطولته هو مسلسل (جرن الشاويش)، لكنه يعدّ لمسلسلين شاميين، الأول من إخراج مروان بركات، والثاني للمخرج سيف الدين سبيعي. وبالإضافة لهذين العملين المرتقبين، فإنه يصور الآن مسلسلاً جديداً للمخرج حاتم علي يحمل اسم (الغفران)، وهو عمل اجتماعي يشارك فيه إلى جانب باسل سلافة معمار وقيس الشيخ جيب وآخرون.
ويظل لافتاً قول باسل: (إن نجومية الفنان لا تكون في موسم، وتغيب في آخر، بل تكون في الاستمرارية، لأن النجوم لا تتوقف عن التألق)